عنده بعضنا يقرأ وبعضنا يصلي وبعضنا يزور وإذا نحن بأسد مقبل نحونا فلما قرب منا قدر رمح، قال: بعضنا لبعض ابعدوا عن القبر الشريف فجاء الأسد فجعل يمرغ ذراعيه على القبر فمضى رجل منا فشاهده فعاد فأعلمنا فزال الرعب عنا فجئنا بأجمعنا فشاهدناه يمرغ ذراعه على القبر و فيه جراح فلم يزل يمرغه ساعة، ثم انزاح عن القبر ومضى فعدنا إلى ما كنا عليه لاتمام الزيارة والصلاة وقراءة القرآن (1).
أقول: ثم أورد رحمه الله كثيرا من القصص المشتملة على معجزات مرقده الشريف مما قد أسلفنا إيرادها في كتاب تاريخه صلوات الله عليه فتركناها حذرا من التكرار، ولظهور أمثال تلك القصص والأمور الغريبة في كل عصر وزمان بحيث لا يحتاج إلى ذكر ما سنح في الزمن السالفة.
49 - ولقد شاع وذاع في زماننا من شفاء المرضى ومعافات أصحاب البلوى وصحة العميان والزمني أكثر من أن يحصى.
ولقد أخبرني جماعة كثيرة من الثقات أن عند محاصرة الروم لعنهم الله المشهد الشريف في سنة أربع وثلاثين وألف من الهجرة وتحصين أهله بالبلد و إغلاق الأبواب عليهم والتعرض لدفعهم مع قلة عددهم وعدتهم وكثرة المحاصرين وقوتهم وشوكتهم، جلسوا زمانا طويلا ولم يظفروا بهم وكانوا يرمون بالبنادق الصغار والكبار عليهم شبه الأمطار ولم يقع على أحد منهم، وكانت الصبيان في السكك ينتظرون وقوعها ليلعبوا بها، حتى أنهم يروون أن بندقا كبيرا دخل في كم جارية رفعت يدها لحاجة على بعض السطوح وسقط من ذيلها ولم يصبها.
ويروى عن بعض الصلحاء الأفاضل من أهل المشهد أنه رأى في تلك الأيام أمير المؤمنين عليه السلام في المنام وفي يده عليه السلام سواد فسأله عن ذلك فقال عليه السلام: لكثرة دفع الرصاص عنكم، والغرايب التي ينقلونها في تلك الواقعة كثيرة فأما التي اشتهرت بين أهل المشهد بحيث لا ينكره أحد منهم: