الجمعة:
اللهم هذا يوم مبارك ميمون، والمسلمون فيه مجتمعون في أقطار أرضك، يشهد السائل منهم والطالب والراغب والراهب - إلى قوله - اللهم إن هذا المقام لخلفائك وأصفيائك، ومواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها، قد ابتزوها وأنت المقدر لذلك - إلى قوله - حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين، يرون حكمك مبدلا، وكتابك منبوذا - إلى قوله عليه السلام - وعجل الفرج والروح والنصرة والتمكين والتأييد لهم إلى آخر الدعاء (1).
بيان: لا يخفى على العارف بأساليب البلاغة أن هذا الدعاء يدل على مطلوبية اجتماع المؤمنين في الجمعة والأعياد للصلاة والدعاء، والسؤال والرغبة، وبث الحوائج في جميع الأحوال والأزمان، لأنه معلوم أن أدعية الصحيفة الشريفة مما أملاها عليه السلام لتقرأها الشيعة إلى آخر الدهر، وهي كالقرآن المجيد من البركات المستمرة إلى يوم الوعيد.
ووجه الدلالة أنه ذكر في وصف اليوم وبيان فضله أن المسلمين يجتمعون في أقطار الأرض، ومعلوم أن اجتماعهم كانوا لصلاة الجمعة والعيد، ولم يكونوا مأذونين منه عليه السلام لغاية خوفه واختفائه، وكذا الأزمان بعده إلى زمان القائم، فلابد من مصداق لهذا الاجتماع في زمانه عليه السلام وأكثر الأزمان بعده، حتى يحسن تعليمهم مثل هذا الدعاء.
ولما كان في البلاد الذي كان فيه حاضرا فارغا لم يجز لغيره التقدم عليه أشار إلى خصوص هذا المقام فقال عليه السلام: (إن هذا المقام لخلفائك) وشكى إلى الله سبحانه ذلك، أو أنه لما كان من الحكم العظيمة للجمعات والأعياد ظهور دولتهم عليهم السلام و تمكنهم، وأمرهم ونهيهم، وإرشادهم، وكان في تلك الأزمان الامر بعكس ذلك تظهر فيها دولة المتغلبين والغاصبين، وتقوى فيها بدعهم وإضلالهم، فأشار بتلك المناسبة