الثاني: أن يكون بيان علة أخرى للخطبة، بأن يكون (وليس بفاعل غيره) تأكيدا لقوله: (منفصلا) وقوله: (من يؤم) متعلقا بقوله (منفصلا) أي لا يكون المصلي في يوم الجمعة منفصلا عن المصلي في غيره، بأن تكون صلاته ركعتين ولا يكون فاعلا غير فعل المصلي في غيره، أولا يكون فاعلا مغايرا له في الصفة، بل يكونان سواء لكون الخطبتين بمنزلة الركعتين.
الثالث: أن يكون المعنى إنما جعلت الخطبة قبلها، لئلا يكون الصائر في الصلاة قبل الدخول منفصلا عن الصلاة، بل يكون في حكم من كان في الصلاة وقوله: (وليس بفاعل غيره) المراد به أن الامام في غير يوم الجمعة أيضا كذلك وليس بمنفصل عن الصلاة لايقاع النافلة قبلها، ولما لم تكن في يوم الجمعة نافلة بعد الزوال، جعلت الخطبة مكانها، فقوله (وليس بفاعل) إما حال أي لا يكون منفصلا والحال أن غيره منفصل، فيكون هو مثلهم (وغيره) فاعل (فاعل) أي ليس بفاعل غير هذا الفعل أحد ممن يؤم أو استدراك والأول أظهر.
الرابع: أن يكون المعنى ولا يكون الصائر في الصلاة أي إمام هذه الصلاة منفصلا أي عن العمل بما يعظ الناس به في الخطبة، لقوله سبحانه ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم﴾ (1) وغيره، (وليس بفاعل غيره) بالإضافة أي لا يكون فاعلا غير ما يقول في الخطبة ممن يؤم أي من بينهم، ليكون حالا عن الصاير، ويمكن أن يقرء حينئذ (فاعل) بالتنوين (وغيره) بالرفع ليكون فاعله، أي ليس يصدر الخطبة من أئمة الصلوات غير الجمعة، فلا بد فيها من ذلك.
الخامس: أن يكون (ممن يؤم) خبر (كان) وقوله: (منفصلا) وقوله (وليس بفاعل) حالين عن الصائر أي لامتياز إمام الجمعة باعتبار اشتراط علمه بالخطبة عن إمام غير الجمعة، وهذا أبعد الوجوه.
وأما تأخير الخطبة في الجمعة فقد عرفت أنه مما تفرد به الصدوق، ولم أظفر على موافق له في ذلك، فما عد من بدع عثمان إنما هو تقديم خطبة العيدين، وجعل