الرابع أن التعبير بالأمير لا يستلزم التخصيص، بل يمكن أن يكون على المثال أو ذكر أفضل أفراده، ليكون العلة فيه أتم وأظهر، مع أن في العيون مكانه الامام وقد عرفت أن ظاهره مطلق إمام الجماعة في المقام.
والخامس أن كون إخبارهم بما ود عليه من الآفاق مخصوص بالامام أو النائب ممنوع، إذ يمكن أن يخبر كل واعظ وخطيب الناس بما سنح في الأطراف من هجوم الكفار، وأعادي المؤمنين، وقوتهم وشوكتهم، ليهتموا في الدعاء والخيرات وبذل الصدقات.
مع أنه في أكثر نسخ العيون (بما ورد عليهم من الآفاق ومن الأهوال) فيمكن أن يكون المراد إخبارهم بآفات زروعهم وأشجارهم وأسعارهم، وبأن علتها المعاصي وشرور أنفسهم، ثم يأمرهم بالتوبة والإنابة، كما اشتمل عليه كثير من الخطب المنقولة.
على أن كون شئ علة لحدوث حكم لا يستلزم بقاء العلة إلى يوم القيامة كما مر أن علة التكبيرات السبع أن النبي صلى الله عليه وآله كلما صعد سماء كبر تكبيرة، ولما رأى من نور عظمته سبحانه ركع، ولما رأى نورا أشد من ذلك سجد، ولما رأى النبيين خلفه سلم، فلو كانت العلة موجبة للتخصيص، فلا تلزم هذه الأمور لغيره، ولا له إلا في المعراج.
السادس لا نسلم دلالة ذكر الحوائج والاعذار والانذار وإعلام ما فيه الصلاح والفساد بالامام، فان مدار الخطباء والوعاظ على ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمور دينهم ودنياهم نقلا عن أئمتهم ويتمون حجة الله عليهم، وينذرونهم عقابه ويدعون لهم ولأنفسهم، ويأمرونهم بما فيه صلاحهم، وينهونهم عما فيه فسادهم ولو سلم فيرد عليه ما مر في الوجه السابق.
السابع الاستدلال بقوله: (وليس بفاعل) مع أن معناه غير معلوم، والمقصود منه غير مفهوم، وإنما قطعوا من الكلام جزء غير تام، واستدلوا به وهذا في غاية الغرابة والظرافة، وقد عرفت الوجوه الدقيقة التي حملنا الكلام عليها، وليس في