وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله " فأقم وجهك للدين حنيفا " (1) قال أمره أن يقيم وجهه للقبلة خالصا مخلصا، ليس فيه شئ من عبادة الأوثان (2).
وعن أبي بصير أيضا قال: سألته عن قول الله عز وجل " وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد " (3) قال: هذه القبلة (4) أيضا.
فوجه وجوب معرفة القبلة التوجه إليها في الصلاة كلها فرائضها وسننها مع الامكان، وعند الذبح والنحر، وعند إحضار الأموات وغسلهم والصلاة عليهم ودفنهم، والوقوف بالموقفين، ورمي الجمار، وحلق الرأس، لا وجه لوجوب معرفة القبلة سوى ذلك.
فصل في ذكر أقسام القبلة وأحكامها المكلفون في باب التوجه إلى القبلة على ثلاثة أقسام: منهم من يلزمه التوجه إلى نفس الكعبة، فلا يحتاج إلى طلب الامارات، وهو كل من كان مشاهدا بأن يكون في المسجد الحرام، أو يكون في حكم المشاهد بأن يكون ضريرا أو يكون بينه وبين الكعبة حائل أو يكون خارج المسجد الحرام بحيث لا يخفى عليه جهة الكعبة.
والقسم الثاني ما يلزمه التوجه إلى نفس المسجد الحرام، وهو كل من كان مشاهد المسجد الحرام أو في حكم المشاهد، أو غلب على ظنه جهته ممن كان في الحرم، وهذا القسم أيضا لا يحتاج إلى تطلب تلك الامارات التي يحتاج إليها من كان خارج الحرم.
والقسم الثالث من يلزمه التوجه إلى الحرم، فهو كل من كان خارج الحرم ونائيا عنه، وهو الذي يحتاج إلى تطلب تلك الأمارات من سائر أقاليم الأرض.