ثم نعود إلى ما كنا فيه فنقول: ليس لقائل أن يقول إن الظاهر أن العراق كانت عمارا ولهذا سميت السواد لشدة التفاف شجرها ونخلها فيجوز البناء عليه، لأنا نقول: لا يصح عند الشريعة التمسك بالظاهر في رفع يد المسلم عما في يده لأن يد المسلم على المال على معلوم وكونه من أرض الخراج فلا يصح ما يتصرف فيه مما يتأتى ذلك غير معلوم ولا يجوز رفع يده عنه لأن الشارع جعل لرفع اليد عن الملك أمر يناط به من شهادة العدلين أورد اليمين على اختلاف المذهبين ومما ينبهك على ذلك أن الوقف ثبت بالشياع وإذا كان في يد مسلم شئ يعارضه الشياع ففيه قولان أصحهما تقدم يد المسلم على الشياع، فكيف بما لا يتمسك فيه إلا بمثل هذه الاحتمالات الباردة، ومن نظر الشريعة خصوصا باب الإقرار والقضاء علم أن رفع يد المسلم لا يصح إلا في موضع اليقين شرعا لجواز رفعها وأن رفعها يبتني على الاحتياط التام، وهذا بأصله يصح متمسكا على عدم أخذ الخراج مما عليه يد أحد المسلمين إذا لم يعلم أنه كان من الذي حيا وقت الفتح بطريق شرعي، ومن العجائب قول هذا المؤلف " مع أن هذه التمحلات بعد ما تلوناه من كلامهم في أحكام هذه الأرضين وحل خراجها من التكلفات الباردة والأمور السامجة " (1) ليت شعري التكلف البارد والأمر السامج هو التلزيق والخطابات التي لا طائل تحتها ولا دليل عليها أو التمسك بثبوت يد المسلم وأصالة عدم استحقاق الغير أيهما أولى بما ذكر.
قوله: بعد ما تلوناه من كلامهم.
أقول: كلام القوم في أرض الخراج أو في أرض معينة، الأول لا نزاع فيه، والثاني لم يذكر فلا يحتاج إلى المنع، وكأني أرى هذا الرجل نظر بعين الفكرة الصائبة في الدنيا. إن أكثر الناس في هذا الزمان يميلون إلى تحصيل الحطام ولو