رسالته قال " وليس لأحد أن يقول: هؤلاء أحيوا هذه البلاد وقد كانت قبل مواتا لأن هذا معلوم البطلان ببديهة العقل.
أما (أولا) فلأن بلاد العراق على ما حكيناه كانت بتمامها معمورة لم يكن لأحد مجال أن يعمروها في وسط البلاد قرى متعددة، وما كان بين القريتين والبلدين في البعد قدر فرسخ إلا نادرا، كيف ومجموع معمور هما من الموصل إلى عبادان ستة وثلاثون ألف ألف جريب.
وأما (ثانيا) فلأن عمارة القرى أمر عظيم يحتاج إلى زمان طويل وصرف مال جزيل وهم كانوا بعيدين عن هذا الاستعداد مع أن هذه التمحلات بعد ما تلوناه من كلامهم في أحكام هذه الأرضين وأحوال خراجها وحل ذلك من التكلفات الباردة والأمور السامجة " (1).
أقول تنبيها لأهل العقول:
يا أولي الألباب انظروا يا ذوي البصائر تكفروا كيف جعل الإيراد كون البلاد محياة بعد الموات وهذا لا يعترض به أحد؟ ومن ثم قال: إنه معلوم البطلان ببديهة العقل، ثم خبط في توجيه معلوميته بالبديهة بما يشعر بأن مراده أعم من إحياء الجميع والبعض ونحن نفصل الجواب عن كلامه على طريق البحث والنظر.
فنقول: إما أن يريد بقوله هذه البلاد مجموعها أي مجموع بلاد العراق أو البلاد التي يتعلق بها غرضه كالقرية مثلا، فإن أراد الأول فمسلم أنه مسلم البطلان بالبديهة فلا حاجة إلى الاستدلال عليه، بل الاستدلال الذي ذكره عليه لا يخلو من قصور إذ قوله " لم يكن لأحد مجال أن يعمر في وسط البلاد قرى " (2) ممنوع أشد المنع، إذ لا شاهد له من الأدلة، وكون معمورها ما ذكر لا يدل عليه إلا