الإطالة في مثل هذا مع ظهوره لأوردت عبارات أخرى، وبالجملة فلا شك عند أهل الله أن من الورع تجنب جوائز الظالم، وإنكار ذلك جهل.
قوله: فإن قيل: هنا سؤالان: (الأول) أن هذه الأخبار إنما تضمنت حال الشراء خاصة، فمن أين ثبت حل التناول مطلقا؟ (الثاني) أن هذه الأخبار إنما دلت على جواز التناول من الجائر بعد استيلائه والأخذ كما يفعله الجائر.
قلنا: الجواب عن الأول أن حل الشراء كاف في ثبوت المطلوب لأن حله يستلزم حل جميع أسباب النقل كالصلح والهبة لعدم الفرق بل الحكم بجواز غير الشراء على ذلك التقدير بطريق أولى لأن شرط صحة الشراء أكثر. وقد صرح الأصحاب بذلك بل يستلزم جواز قبول هبته وهو في يد ذي المال والحوالة ما عرفت من أن ذلك غير مملوك بل إنما هو حق تسلط على التصرف فيه غير من له أهلية التصرف، وقد سوغ أئمتنا تملكنا له على ذلك التصرف الغير الشائع لأن تحريمه إنما كان من حقهم فاغتفروا لشيعتهم، ذلك طلبا لزوال المشقة عنهم، فعليهم من الله التحية والسلام وقد صرح بذلك بعض الأصحاب. (1) أقول: هذا الكلام خبط ظاهر وذلك لأن متعلق البيع أعني الخراج المبحوث عنه غير مملوك للجائر، وقد سلمه المؤلف، وإذا لم يكن مملوكا فهو مملوك لغيره لاستحالة بقاء ملك بلا مالك. ولو قيل: أنه على حكم مال الله تعالى حتى يقبضه الإمام لم يقدح في المطلوب ومستحق قبضه والتصرف فيه الإمام عليه السلام، فإذا فرضنا أنه أجاز الابتياع لم يدل على جواز غيره بشئ من الدلالات فضلا عن كون جواز غير البيع أولى وذلك لأنه محجوب فيه وأمره إلى الوالي، فإذا جاز نوعا معينا لم يجز تخطيه وإنما يمكن تسليم المساواة والأولوية في صورة ما إذا كان الإجازة يقتضي كون الابتياع ملكا للبائع، فإن ما ذكره قد يتم