يكونا منتصبين على الحال من البرق، كأنه في نفسه خوف وطمع، والتقدير:
ذا خوف وذا طمع الثالث أن يكون حالا من المخاطبين أي خائفين وطامعين.
وقال الرازي: في كونهما خوفا وطمعا وجوه: الأول: [ان] عند لمعان البرق يخاف وقوع الصواعق ويطمع في نزول الغيث الثاني أنه يخاف من المطر من له فيه ضرر كالمسافر وكمن في جرابه التمر والزبيب ويطمع فيه من له نفع الثالث: أن كل شئ يحصل في الدنيا فهو خير بالنسبة إلى قوم وشر بالنسبة إلى آخرين، فكذلك المطر خير في حق من يحتاج إليه في أوانه شر في حق من يضره ذلك، إما بحسب المكان أو بحسب الزمان.
ثم اعلم أن حدوث البرق دليل عجيب على قدرة الله سبحانه، وبيانه أن السحاب لا شك أنه جسم مركب من أجزاء مائية وأجزاء هوائية، ولا شك أن الغالب عليه الاجزاء المائية، والماء جسم بارد رطب، والنار جسم حار يابس، فظهور الضد من الضد التام على خلاف العقل، فلا بد من صانع مختار يظهر الضد من الضد.
فان قيل: لم لا يجوز أن يقال: إن الريح احتقن في داخل جرم السحاب واستولى البرد على ظاهره فانجمد السطح الظاهر منه، ثم إن ذلك الريح يمزقه تمزيقا عنيفا فيتولد من ذلك التمزيق الشديد حركة عنيفة، والحركة العنيفة موجبة للسخونة وهي البرق؟
فالجواب: أن كل ما ذكرتموه على خلاف المعقول [وبيانه] من وجوه:
الأول: أنه لو كان الامر كذلك لوجب أن يقال أينما يحصل البرق فلا بد وأن يحصل الرعد وهو الصوت الحادث من تمزق السحاب، ومعلوم أن ليس الامر كذلك، فإنه كثيرا ما يحدث البرق القوي من غير حدوث الرعد. الثاني أن السخونة الحاصلة بسبب قوة الحركة مقابلة بالطبيعة المائية الموجبة للبرد وعند حصول هذا المعارض القوي كيف تحدث النارية؟ بل نقول: النيران العظيمة تنطفئ بصب الماء عليها، والسحاب كله ماء، فكيف يمكن أن يحدث فيه شعلة ضعيفة نارية؟