جمع نشور مثل رسل ورسول، أي رياحا منشرة مفرقة من كل جانب، وقرأ ابن عامر بضم النون وإسكان الشين بتخفيف العين، وقرأ حمزة بفتح النون وإسكان الشين مصدر نشرت الثوب ضد طويته، وهنا بمعنى المفعول، أو بمعنى الحياة فهو بمعنى الفاعل، وقرأ عاصم بالباء جمع بشير أي مبشرات بالمطر أو الرحمة " حتى إذا أقلت سحابا ثقالا " قال الرازي: يقال أقل فلان الشئ إذا حمله، أي حتى إذا حملت هذه الرياح سحابا ثقالا بما فيها من الماء، والمعنى أن السحاب المسيطر بالمياه العظيمة إنما يبقى معلقا في الهواء لأنه تعالى دبر بحكمته أن يحرك الرياح تحريكا شديدا، فيحصل منها فوائد: أحدها أن أجزاء السحاب ينضم بعضها إلى بعض و يتراكم وينعقد السحاب الكثيف الماطر وثانيها أن بسبب تلك الحركات الشديدة التي في تلك الرياح يمنة ويسرة يمتنع على تلك الأجزاء المائية النزول، فلا جرم يبقى معلقا في الهواء وثالثها أن بسبب حركات تلك الرياح ينساق السحاب من موضع إلى موضع آخر، وهو الموضع الذي علم الله تعالى احتياجهم إلى نزول الأمطار وانتفاعهم بها. ورابعها أن حركة الرياح تارة تكون مفرقة لاجزاء السحاب مبطلة لها وخامسها أن هذه الرياح تارة تكون مقوية للزرع والأشجار مكملة لما فيها من النشوء والنماء، وهي الرياح اللواقح، وتارة تكون مبطلة لها كما تكون في الخريف وسادسها أن هذه الرياح تارة تكون طيبة لذيذة موافقة للأبدان، وتارة تكون مهلكة إما بسبب ما فيها من الحرارة الشديدة كما في السموم أو بسبب ما فيها من البرد الشديد كما في الرياح المهلكة جدا وسابعها أن تلك الرياح تارة تكون شرقية، وتارة تكون غربية وشمالية وجنوبية، وهذا ضبط ذكره بعض الناس، وإلا فالرياح تهب من كل جانب من جوانب العالم، ولا ضبط لها، ولا اختصاص لجانب من جوانب العالم بها وثامنها أن هذه الرياح تارة تصعد من قعر الأرض، فان من ركب البحر يشاهد أن البحر يحصل له غليان شديد فيه بسبب تولد الرياح في قعر البحر إلى ما فوق البحر، وحينئذ يعظم هبوب الرياح في وجه البحر، وتارة ينزل الريح من جهة الفوق، فاختلاف الرياح بسبب هذه
(٣٥٣)