النيروز كما كان رسمهم (1) وكان ذلك موافقا لأواسط حزيران ومطابقا للثاني و العشرين من ربيع الأول، وقد عرفت أن بناء حساب الفرس في عهد يزدجرد بل قبيله في زمان النبي صلى الله عليه وآله أيضا على أخذ كل سنة ثلاثمائة وخمسة وستين يوما بدون رعاية الكبائس التي كانت متداولة بين قدمائهم، فلا محالة كان ينتقل نيروزهم في كل أربع سنين إلى يوم آخر من أيام الشهور الرومية قبل اليوم الذي كان فيه، لاعتبارهم الكبيسة في كل أربع، وقس عليه حال انتقاله بالنسبة إلى موضع الشمس من البروج أيضا. فإن التفاوت لو كان لكان في كل سنة بقدر نقصان الكسر عن الربع في الواقع، وهو قليل جدا كما مر.
وبالجملة: انتقاله من أواسط حزيران وأواخر الجوزاء التي كان فيها في السنة الحادية عشر من الهجرة إلى أواسط كانون الأول وأوائل الجدي وهو مدة ستة أشهر تقريبا إنما هو في قريب من سبعمائة وثلاثين سنة، فيكون في أواسط المائة الثامنة كما ذكرنا.
وأما منشأ توهم صاحب كتاب الأنواء فلا يمكن أن يكون مثله من وقوع الموافقة المذكورة في زمانه لئلا يلزم تقدم زمان الناقل على زمان المنقول عنه، فإن انتقاله إلى بعض أيام شباط إنما يكون قبل انتقاله إلى بعض أيام كانون لما عرفت من أن انتقالاته في تلك الشهور، وكذا في البروج على خلاف تواليهما لزيادة قدرهما على قدره بمقدار ربع يوم أو قريب منه فغاية توجيهه أن يقال: يجوز أن يكون منشأ توهمه موافقا لما مر نقله من بعض المحصلين في اعتبار زمان الصادق عليه السلام فيه، والفرق أن بناء حساب بعض المحصلين كان على اعتبار الاسقاط اليزدجردي، لوقوعه على طبق عادتهم المستمرة، وبناء حساب صاحب كتاب الأنواء، على عدم اعتباره، لوقوعه بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وكونه بمنزلة سائر التغيرات الواقعة في السنن والآداب المعروفة في زمانه، فإن ما بين تاسع شباط وعاشر أيار قريب من المدة التي أسقطها