ومما يدل على عدم كونه مرادا أنه معلوم أنه لم يكن هذا مشهورا في زمان الصادق عليه السلام وقد قال المعلى: " دخلت على الصادق عليه السلام يوم النيروز " فلا بد من أن يكون يوما معروفا في ذلك الزمان ولم يكن إلا التاريخ اليزدجردي فلا يستقيم هذا إلا بتكلف أومأنا إليه في أول الكلام والله يعلم حقائق الأمور.
الفائدة الثالثة: اعلم أنه قد يستشكل في الأحاديث بأن وقوع النيروز بأي تفسير كان في التواريخ الماضية المذكورة في الروايتين المضبوطة عند المؤرخين سنة وشهرا ويوما كيوم المبعث وفتح مكة ونص الغدير غير ممكن، لعدم جواز اجتماع يومين في ذلك فضلا عن الجميع، لان المبعث كان قبل الهجرة بقريب من ثلاث عشرة سنة، وفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة ونص الغدير في العاشرة منها فكان وضع الأول بالنسبة إلى كل من الأخيرين يقتضي أن تكون الفاصلة بين النيروزين الواقعين فيهما بحسب الشهور العربية أكثر من سبعة أشهر، ووضع أحد الأخيرين بالنسبة إلى الآخر يقتضي أن تكون الفاصلة أقل من شهر، مع أن الأول كان في أواخر رجب، والثاني في أواخر شهر رمضان، والثالث في أواخر شهر ذي الحجة.
ويمكن الجواب عنه بوجهين:
الأول: ما ذكره بعض الأفاضل، وهو أن يقال: من السنة التاسعة عشر من مبعثه صلى الله عليه وآله التي وقع فيها قتل " پرويز " من ملوك العجم إلى آخر زمانه صلى الله عليه وآله اتفق جلوس ثلاثة من ملوك العجم، هم: شيرويه، وأردشير، وتوران دخت، و كان الأولان قبل فتح مكة والأخير بعده، فيمكن اسقاط كل منهم برهة مما مضى من السنة عند جلوسه كما هو عادتهم المستمرة، فكان ذلك منشأ لهذا الاختلاف فهذا أيضا دليل بل دلائل أخرى مستنبطة من الروايتين المذكورتين على بطلان كون المراد بالنيروز المعتبر شرعا هو الاعتدال الربيعي، فإنه على ذلك لا يمكن توجيه التواريخ المذكورة فيهما أصلا، وكذا حال سائر ما مر من تفاسيره سوى أول فروردين فتعين أن المراد به أول فروردين كما هو المطلوب (انتهى).