كتاب الحج من الكافي والفقيه، بل لظاهر الروايات عن أهل البيت عليهما السلام بأن نزولها ما بين مكة والمدينة بعد الانصراف من حجة الوداع موافقا لما نقل في مجمع البيان عن الربيع بن أنس إما قبل وصوله إلى غدير خم كما روي في تفسير علي ابن إبراهيم عن أبي جعفر عليه السلام، وإما بعده كما روي في مجمع البيان وغيره عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام موافقا لما رواه المخالفون عن أبي سعيد الخدري ووجه الجمع حمل النزول في الأول على تمهيد ما ينزل، أو في الثاني على إقامة ما نزل بالتبليغ، فلو كان هذا اللفظ ههنا من كلام الإمام عليه السلام لاحتمل أن يكون (عرفة) بالضم، إذ هي كما في القاموس اسم لثلاثة عشر موضعا، فلا يبعد أن يكون أحدها قريبا من غدير خم، هذا، ولكن التحقيق أن ليس شئ من هذه الأيام الثلاثة موافقا للتواريخ المضبوطة المعلومة مع اختلافها بالنسبة إليه قربا وبعدا، فإن أقربها منه غرة صفر في السنة الحادية عشرة من الهجرة سنة وفاة النبي صلى الله عليه وآله وهي كما ظهر مما مر كانت مطابقة للثلاثاء، فكانت غرة المحرم فيها موافقة للأحد أو الاثنين، فكانت غرة ذي الحجة من السنة السابقة العاشرة من الهجرة غير خارجة عن الجمعة والسبت والأحد، فكانت الثامن عشر منه لا يخلو من الاثنين والثلاثاء والأربعاء. وأن أبعدها عنه غرة ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وألف قبيل ما نحن فيه من الزمان، وهي كانت يوم الخميس بحسب الحساب والرؤية جميعا بلا اشتباه، وغرة ذي الحجة من السنة العاشرة مقدمة عليها بألف وسبع وسبعين سنة تامة، فبطريق الحساب الذي مر بيانه يكون الباقي منها بعد طرح أسبوعاتها ستة فتكون مطابقة للجمعة، فكان ثامن عشره مصادفا ليوم الاثنين، فيدل كل من هذين التاريخين المعلومين على خلاف كل من الأقوال الثلاثة، ويدل على تعين رابع هو يوم الاثنين، ويطابقه أيضا ما ضبط ابن الجوزي في التلقيح من أن قتل عثمان كان في يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فإن ما بينهما خمس وعشرون سنة كاملة، والباقي بعد طرح أسبوعاتها أربعة، فإذا كان هذا يوم الجمعة فكان ذلك مقدما عليه بأربعة أيام، فكان يوم الاثنين، ويوافقه أيضا
(٣٦٩)