عاشورا يوم الفطر، لكنه إنما يستقيم في سنة الكبيسة، فإنه إذا كان أول شهر رمضان يوم السبت مثلا كان أول شوال يوم الاثنين لأنه من الشهور التامة، وأول ذي القعدة يوم الثلاثاء وأول ذي الحجة يوم الخميس، فالأضحى يوم السبت موافقا ليوم الصوم، وذو الحجة لما كان من الشهور الناقصة في غير سنة الكبيسة فالجمعة أول المحرم فعاشوراء يوم الأحد وهو لا يوافق يوم الفطر، وفي الكبيسة يوافقه لاتمام ذي الحجة فيها. ويمكن أن يكون مبنيا على الغالب، أو على ما إذا غمت الأهلة كما عمل بها جماعة من الأصحاب على هذا الوجه، أو على استحباب صوم يوم الشك فإن هذا الحساب متقدم على الرؤية غالبا، وما قيل في الخبر الأخير من أن المعنى أن العارفين يوم صومهم يوم عيدهم ويوم فطرهم يوم تعزيتهم فهو مما تضحك منه الثكلى، وسيأتي مزيد تحقيقه في محله الأنسب.
وقال أبو ريحان في تاريخه يبتدؤن بالشهر من عند رؤية الهلال، وكذلك شرع في الاسلام كما قال الله تعالى (ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج (1)) ثم نبتت نابتة ونجمت ناجمة وبغت فرقة جاهلية فنظروا إلى أخذهم بالتأويل وميلهم إلى اليهود والنصارى، فإن لهم جداول وحسابات يستخرجون بها شهورهم ويعرفون منها صيامهم والمسلمون مضطرون إلى رؤية الهلال، ووحدوهم شاكين فيه مختلفين مقلدين بعضهم بعضا بعد استفراغهم أقضى الوسع في تأمل مواضعه وتفحص مواقعه، ثم رجعوا إلى أصحاب الهيئة فألفوا زيجاتهم وكتبهم مفتتحة بمعرفة أوائل ما يراد من شهور العرب بصنوف الحسابات وأنواع الجداول، فظنوا أنها معمولة لرؤية الأهلة، وأخذوا بعضها ونسبوه إلى جعفر الصادق عليه السلام وأنه سر من أسرار النبوة، وتلك الحسابات مبنية على حركات النيرين الوسطى دون المعدلة، ومعمولة على عد سنة القمر ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وخمس وسدس وأن ستة أشهر من السنة تامة وستة ناقصة، وأن كل ناقص منها فهو تال لتام على ما عمل عليه في الزيجات فلما قصدوا استخراج أول الصوم وأول الفطر بها خرجت