كانت عليه، وعاد الحج في ذي الحجة، وبطل النسئ الذي كان في الجاهلية، و قد وافقت حجة الوداع ذا الحجة في نفس الامر، وكانت حجة أبي بكر قبلها في ذي القعدة التي سموها ذا الحجة. وإنما لزم العتب عليهم في هذا التفسير لأنهم إذا حكموا على بعض السنين بأنها ثلاثة عشر شهرا كان مخالفا لحكم الله بأن عدة الشهور اثنا عشر شهرا، أي لا أزيد ولا أنقص، وإليه الإشارة بقوله (ذلك الدين القيم) على هذا التفسير، ويلزمهم أيضا ما لزمهم في التفسير الأول من تغيير أشهر الحرم عن أماكنها، فتكون الإشارة إلى المجموع (انتهى).
وقال الطبرسي - ره -: (إن عدة الشهور عند الله) أي عدد شهور السنة في حكم الله وتقديره (اثنا عشر شهرا) وإنما تعبد الله المسلمين أن يجعلوا سنتهم على اثني شهر شهرا ليوافق ذلك عدد الأهلة ومنازل القمر، دون ما دان به أهل الكتاب والشهر مأخوذ (1) من شهرة الامر لحاجة الناس إليه في معاملاتهم ومحل ديونهم وحجهم وصومهم وغير ذلك من مصالحهم المتعلقة بالشهور، وقوله (في كتاب الله) معناه ما كتب الله في اللوح المحفوظ، وفي الكتب المنزلة على أنبيائه. وقيل: في القرآن، وقيل: في حكمه وقضائه، عن أبي مسلم. وقوله (يوم خلق السماوات و الأرض) متصل بقوله (عند الله) والعامل فيها الاستقرار، وإنما قال ذلك لأنه يوم خلق السماوات والأرض أجرى فيها الشمس والقمر، وبمسيرهما تكون الشهور والأيام، وبهما تعرف الشهور (منها أربعة حرم) ثلاثة منها سرد: ذو القعدة، وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو رجب، ومعنى (حرم) أنه يحرم (2) انتهاك المحارم فيها أكثر مما يحرم (3) في غيرها، وكانت العرب تعظمها حتى لو أن رجلا لقي قاتل أبيه فيا لم يهجه لحرمتها، وإنما جعل الله بعض هذه الشهور أعظم حرمة من بعض لما علم من المصلحة في الكف عن الظلم فيها، لعظم منزلتها، ولأنه ربما