ذلك الدين تعبد به، فهو اللازم (فلا تظلموا فيهن) أي في هذه الأشهر (1) كلها عن ابن عباس. وقيل: في هذه الأشهر الحرم (أنفسكم) بترك أوامر الله وارتكاب نواهيه، وإذا عاد الضمير إلى جميع الشهور فإنه يكون نهيا عن الظلم في جميع العمر وإذا عاد إلى الأشهر الحرم ففائدة التخصيص أن الطاعة فيها أعظم ثوابا، والمعصية أعظم عقابا، وذلك حكم الله في جميع الأوقات الشريفة، والبقاع المقدسة (2) (انتهى).
أقول: ويحتمل أن يكون المراد: فلا تظلموا أنفسكم في أمرهن بهتك حرمتهن. وقال الطبرسي - ره -: قال مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور، حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة، ثم حج النبي صلى الله عليه وآله في العام القابل حجة الوداع، فوافقت ذا - الحجة فلذلك (3) قال النبي صلى الله عليه وآله في خطبته: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض (الخبر) أراد صلى الله عليه وآله بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها، وعاد الحج إلى ذي الحجة، وبطل النسئ (4).
(يضل به الذين كفروا) قال البيضاوي: أي ضلالا زائدا، وقرأ حمزة والكسائي وحفص (يضل) على البناء للمفعول (يحلونه عاما) أي يحلون النسئ من الأشهر الحرم سنة، ويحرمون مكانه شهرا آخر (ويحرمونه عاما) فيتركونه على حرمته (ليواطئوا عدة ما حرم الله) أي ليوافقوا عدة الأربعة المحرمة، واللام متعلقة بيحرمونه أو بما دل عليه مجموع الفعلين (فيحلوا ما حرم الله) بمواطاة العدة وحدها من غير مراعاة الوقت (5) (انتهى).