نفس الامر، وعدم اشتماله على قاعدة مخالفة لما ظهر من الشريعة، وإلا فيكون بعضها داخلا في القول بغير علم، أو فيما حرم اتباعه لمخالفة الشريعة وأما الآيات الدالة على التفكر في خلق السماوات والأرض فالظاهر أن المراد بها التفكر فيها من جهة دلالتها على وجود الصانع وعلمه وقدرته وحكمته، لامن جهة نضدها و ترتيبها وكيفيات حركاتها، وإن احتمل شمولها لها أيضا.
ومنها الحكم بالكسوف والخسوف وأوائل الأهلة والمحاق وأشباه ذلك فالظاهر جوازه وإن كان الأحوط اجتناب ذلك أيضا، فإن الأحكام الشرعية فيها مبتنية على الرؤية لا على أحكام المنجمين بذلك. وبالجملة ينبغي للمتدين المتبع لأهل بيت العصمة عليهم السلام المدعي لكونه شيعة لهم مقتديا لآثارهم أن لا يتعرض لشئ من ذلك إلا في قليل منه يتعلق بمعرفة أوقات الصلوات وسائر العبادات، و تعيين جهة القبلة وأشباه ذلك، ولو كانت هذه العلوم والاعمال مما له مدخلية في صلاح الدين لامر أئمتنا عليهم السلام شيعتهم بذلك، ورغبوهم فيها، وحثوهم عليها وعلموهم قواعدها، ولم ينقل من عادة أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم الرجوع إلى الساعات واستعلامها، أو بيانها لشيعتهم، واحترازهم عن ساعة بسبب أنها نحس بحسب النجوم، بل كانوا يأمرونهم بالصدقة والدعاء والتضرع والتوسل إلى الله سبحانه في الاحتراز عن البلايا والآفات، والمنحوسة من الساعات، وفي هذه الأزمان تركوا جميع ذلك واكتفوا بالرجوع إلى التقاويم وأصحاب النجوم، و اتكلوا عليها. وأيضا لعلمهم بأخبار المنجمين بأوقات الكسوفات والخسوفات لا يحصل لهم في وقوعها فزع، ولا يتضرعون إلى الله في رفعها ودفع شرها، مع أنه يصير في أكثر الناس سببا للقول بتأثير النجوم وحياتها وتدبيرها في العالم، أعاذنا الله وسائر المؤمنين من ذلك، وإنما أطنبنا الكلام قليلا في هذا المقام لكثرة ولوع الناس بهذا العلم والعمل به، وتقربهم إلى الملوك بذلك، فيوقعون الناس به في المهالك، والله العاصم من فتن المبتدعين، والهادي إلى الحق واليقين.