ومنها الاعتناء بالساعات المسعودة والمنحوسة واختيارا لأوله لارتكاب الاعمال والشروع فيها، والاحتراز عن الثانية، وهذا أيضا يحتمل الكراهة والحرمة، و ما ورد من رعاية العقرب والمحاق في التزويج والسفر فلا دلالة فيه على العموم مع أنك قد عرفت أن اصطلاح البروج في الاخبار الظاهر أنه غير اصطلاح المنجمين وأما سعادة الكواكب والبروج ونحوستها فتحتمل الأخبار الواردة فيها أمرين:
أحدهما أن يكون لها سعادة ونحوسة واقعية، لكن ترتفع النحوسة بالتوكل و الدعاء والصدقة والتوسل بالله تعالى، ونحن إنما أمرنا بتلك الأمور لا برعاية الساعات، وثانيهما أن يكون تأثيرها من جهة الطيرة لما اشتهر بين الناس من نحوسة تلك الساعات، وإنما يتأثر بها من يتأثر من الطيرة ممن ضعف توكلهم واعتمادهم على ربهم، ولهم عقول ضعيفة، ونفوس دنية يتأثرون بأدنى شئ، ويومئ إليه قول أمير المؤمنين عليه السلام عند خبر المنجم ((اللهم لا طير إلا طيرك) فعلى الوجهين الأولى لمن قويت نفسه وصدق في توكله على ربه أن لا يلتفت إلى أمثال ذلك، و يتوسل بجنابه تعالى في جميع أموره، ويطلب منه الخيرة، وقد روي عن الصادق عليه السلام أن الطيرة على ما تجعلها، إن هونتها تهونت، وإن شددتها تشددت وإن لم تجعلها شيئا لم تكن شيئا. وعنه عن آبائه عليهم السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله:
أوحى الله عز وجل إلى داوود عليه السلام: كما لا تضيق الشمس على من جلس فيها كذلك لا تضيق رحمتي على من دخل فيها، وكما لا تضر الطيرة من لا يتطير منها كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون. وسيأتي القول فيها في الباب الآتي.
ومنها تعليم هذا العلم بوجهيه المتقدمين وتعلمه والنظر والتفكر فيه، و هو أيضا يحتمل الحرمة والكراهة، واحتمال الكراهة هنا أقوى مما سبق.
ومنها علم الهيئة والنظر في هيئات الأفلاك وحركاتها، وجوازه لا يخلو من قوة إذا لم يعتقد فيه ما يخالف الآيات والاخبار كتطابق الأفلاك، ولم يجزم بما لا برهان عليه، وإنما قال به على سبيل الاحتمال. وأما ما ذكره الشهيد - ره - من استحباب النظر في علم الهيئة فإنما هو إذا ثبتت مطابقة قواعده لما هي عليها في