أيام وخلق السماوات في يومين أو خلق ما على الأرض في أربعة أيام وخلق السماوات والأرض في يومين كما في التأويلين السابقين لا يبقى لخلق ما بين السماوات والأرض كالهواء وما فيها من كائنات الجو وقت، فينبغي أن يحمل على أن خلق السماوات في يومين، وخلق الأرض في يومين غيرهما، وخلق ما بينهما في يومين غير الأربعة فيبلغ ستة كما هو ظاهر الآيات، فتتم في هذه الستة ما ذكره تعالى في سورة النازعات بقوله (أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها (1)) فيكون كل ما ذكره فيها متصلا به بقوله (والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها (2)) في يوم آخر أو أيام أخر غير الستة المذكورة، ويؤيده ما روي أن دحو الأرض كان بعد خلقها بألفي سنة، فعلى ذلك لا يبعد أن يكون خلق ما سوى المذكورات كتقدير الأقوات و سار المخلوقات التي لا تعد ولا تحصى في أيام أخر، كيف وما في السماوات كالملائكة وما في تحت الأرض كالصخرة والديك والحوت وغيرها المذكورات في حديث زينب العطارة غير السماوات والأرض وما بينهما كما يرشد إليه التسبيح المأثور المشهور (سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن) فيكون خلقها في غير الستة المذكورة، فلا حاجة إلى تكلف لادخال زمان تقدير الأقوات وجعل الرواسي مثلا في زمان خلق السماوات والأرض وما بينهما، حتى لا يزيد زمان خلق المجموع على ستة أيام، وأما الروايات التي أيد بها التأويل فحملها على أن يكون المراد بها التعيين النوعي في أيام خلق كل من المذكورات فيها فلا ينافي أن يكون خلق الأشجار مثلا في أربعاء والمياه في أربعاء أخرى، وكذا خلق الشمس والقمر مثلا في جمعة وكل من النجوم والملائكة وآدم عليه السلام في جمعات اخر، فلا يلزم الاتحاد الشخصي، ولا التوالي في تلك الأيام، كيف ولو لم تحمل على ذلك لما أمكن الجمع بينها وبين
(٣١١)