ما مر من الرضا عليه السلام من أن خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والأرض، وكذا بينها وبين ما لا ريب فيه لأحد من أن خلق الملائكة والجان قبل خلق آدم عليه السلام بدهور طويلة، وأما المنظومة المشهورة المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام من قوله:
لنعم اليوم يوم السبت حقا * لصيد إن أردت بلا امتراء وفي الأحد البناء لان فيه * تبدى الله في خلق السماء حيث صرح فيها بأن خلق السماء في يوم الأحد، فيمكن أن يجمع بينها و بين الروايات الدالة على أن خلقها في يوم الخميس بكون أصل خلقها في أحد ذينك اليومين، وتمييز بعضها عن بعض في اليوم الآخر، ومما يلائم هذا الجمع وقوع السماء بلفظ المفرد في المنظومة وبلفظ الجمع في الروايات، وإدراج لفظ الابتداء في المنظومة دون الروايات، فيسهل بما ذكرنا طريق الجمع بين الروايات المتعارضة الظواهر في هذا الباب.
ولنختم الكلام بذكر أقوال بعض من يعول على قوله من قدماء المؤرخين ليعلم اتفاق جميع فرق المسلمين على الحدوث، قال المسعودي - ره - وكان من علماء الإمامية في كتاب (مروج الذهب): اتفق أهل الملة جميعا من أهل الاسلام على أن الله خلق الأشياء على غير مثال، وابتدعها من غير أصل، ثم روى عن ابن عباس وغيره أن أول ما خلق الله عز وجل الماء فكان عرشه عليه، فلما أراد أن يخلق السماء أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسمي (السماء) ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد والاثنين، و خلق الأرض على حوت، والحوت هو الذي ذكره الله في كتابه (ن والقلم وما يسطرون) والحوت والماء على الصفا، والصفا على ظهر ملك، والملك على صخرة والصخرة على الريح، وهي الصخرة التي في القرآن (فتكن في صخرة) فاضطرب الحوت، فتزلزلت الأرض، فأرسى الله عليها الجبال فقرت، كما قال تعالى (أن تميد بكم) وخلق الجبال فيها، وخلق أقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في