بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٣٠٣
يكون إمساك الفاعل من إيجاده في بعض الأحوال أولى من إيجاده في بعض، وحتى يكون الصدور من الفاعل في بعض الأحوال أولى من صدوره في بعض، بل لو كان صدوره واجبا كان في جميع الأحوال. أولا صدوره كان في جميع الأحوال، فيلزم إما قدم الفعل أو عدمه بالمرة. وهذا بالحقيقة رد على من قال: إنما حدث في الوقت لأنه كان أصلح لوجوده أو كان ممكنا فيه، وتقييد العدم بالصريح احتراز عن العدم الحادث المسبوق بالمادة (انتهى كلامه).
والجواب: أنه لا شك أن جميع المعلولات قديمها وحديثها معدوم مطلق في مرتبة وجود العلة، فكيف تعلق الجعل بالممكنات دون الممتنعات؟ وكيف تعلق بالقديم وهو معدوم مطلق في هذه المرتبة؟ وكيف تعلق الجعل بالقديم ولم يتعلق بالحوادث إلا بعد مدة غير متناهية؟ فالحق أن التميز العلمي في علمه تعالى كاف في الجميع، وإن كانت في الخارج معدومة صرفة، فهو سبحانه يعلم في ذاته الجميع ممكنها وممتنعها مطلقا، أو على بعض أنحاء الوجود، ويريد ما أراد منها على الوجه الذي تقتضيه الحكمة والمصلحة، وتؤثر القدرة على وفق الإرادة، فيوجد العادم على النظام الذي وجد بلا تغير في ذاته وصفاته الذاتية، وإنما التغير والتفاوت فيما عداه بالامكان والامتناع، والتقدم والتأخر، والصغر والكبر، إلى غير ذلك من وجوه التفاوت، ولا يمكن للعقول إدراك كنه تأثيراته وايجاداته تعالى شأنه، كما يستفاد من الخطب والاخبار المأثورة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام، و السؤال بأنه لم لم يخلق العالم قبل هذا أو بعد ذاك، أو فوق الفضاء الذي هو الآن فيه أو تحته، أو يمينه أو يساره، أو قدامه أو خلفه، أو أصغر أو أكبر، أو المواد بحيث تقبل الاستعدادات على نحو آخر، فهو من هذر السؤال، وقد ظهر الفرق بين أزلية الامكان وإمكان الأزلية، وأن الامكان الذاتي من متممات ذات المعلول المحتاج، ومن مصححات المعلولية ومكملات الاحتياج إلى العلة على سبيل لوازم الماهية المعلولية وذاتياتها، وليس ملحوظا في طرف العلة التامة المفتقرة إليها، وقد مر ما يمكن استنباط أجوبة أخرى منه لهذه الشبهة فتفطن.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376