سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء أزله إلى قوله ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له، وشاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمعززها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه كان ربا إذ لا مربوب، وإلها إذ لا مألوه، وعالما إذ لا معلوم، وسميعا إذ لا مسموع (1).
بيان: ظاهر قوله عليه السلام (ففرق بين قبل وبعد) أنه سبحانه ليس بزماني أصلا، ويحتمل أن يكون المعنى جعل حدوث كل شئ منوطا بوقت ليعلم أنه لا ابتداء لوجوده، أو جعل الأشياء بعضها علة لبعض ليعلم أن لا علة، له، وهما بعيدان والأخير أبعد. وكذا قوله (أن لا وقت لموقتها) ظاهره نفي الزمان وإن احتمل الوجه الثاني، وكذا قوله أولا (لا تضمنه الأوقات) يدل على ذلك، وإن احتمل أن يراد به لم يكن قبله وبعده زمان فيكون قد تضمنه، وقد مر الكلام في قوله (سبق الأوقات كونه) ودلالة سائر الفقرات على حدوث ما سواه سبحانه ظاهرة.
105 - الكافي: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن شباب الصيرفي عن علي بن سيف بن عميره، عن إسماعيل بن قتيبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس بالكوفة فقال: الحمد لله الملهم عباده حمده، وفاطرهم على معرفة ربوبية، الدال على وجوده بخلقه، وبحدوث خلقه على أزله - إلى قوله - ولا أمد لكونه، ولا غاية لبقائه (2).
106 - قال: ورواه محمد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم، قال: كتبت إلى أبي إبراهيم عليه السلام أسأله عن شئ من التوحيد فكتب إلي بخطه: الحمد لله عباده حمده وذكر مثل ما رواه سهل - إلى قوله - أول الديانة معرفته، وكمال معرفته توحيده، وكمال توحيده نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة الموصوف أنه غير الصفة، وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الأزل إلى قوله عالم إذ لا معلوم، وخالق إذ لا مخلوق