قال: درهمان ونصف، قلنا: والله ما تقول المرجئة هذا فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا ضلالا ما ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة ناكسين لا ندري أين نتوجه وإلى من نقصد، نقول: إلى المرجئة أم إلى القدرية أم إلى المعتزلة أم إلى الزيدية.
فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده، فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس على من تجتمع بعد جعفر الناس إليه، فيؤخذ ويضرب عنقه، فخفت أن يكون ذلك منهم فقلت للأحول: تنح فاني خائف على نفسي وعليك، وإنما يريدني ليس يريدك فتنح عني لا تهلك فتعين على نفسك، فتنحى بعيدا، وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت، حتى ورد بي على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب قال لي:
ادخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام فقال لي ابتدءا منه: إلي إلي لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الزيدية ولا إلى الخوارج.
قلت: جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا قال: نعم، قلت:
فمن لنا من بعده؟ قال: إن شاء الله تعالى أن يهديك هداك، قلت: جعلت فداك إن عبد الله أخاك يزعم أنه الامام بعد أبيه فقال: عبد الله يريد أن لا يعبد الله، قلت:
جعلت فداك فمن لنا بعده؟ قال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت: جعلت فداك أنت هو؟ قال: لا أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة، ثم قلت له: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة ثم قلت له: جعلت فداك أسألك كما كنت أسأل أباك؟ قال: اسأل تخبر ولا تذع فان أذعت فهو الذبح فسألته، فإذا هو بحر لا ينزف.
فقلت: جعلت فداك شيعة أبيك ضلال فألقي إليهم هذا الامر وأدعوهم إليك فقد أخذت علي الكتمان؟ قال: من آنست منهم رشدا فألق إليه وخذ عليه الكتمان