لكسرت فمك.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله يا أكشف يا أزرق، لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه، وما أنت في المذكورين عند اللقاء، وإني لأظنك إذا صفق خلفك طرت مثل الهيق النافر، فنفر عليه محمد بانتهار: احبسه وشدد عليه وأغلظ عليه.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي، وقد حمل عليك فارس معلم، في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح، فطعنك فلم يصنع فيك شيئا، وضربت خيشوم فرسه فطرحته، وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين، عليه غديرتان مضفورتان قد خرجتا من تحت بيضته، كثير شعر الشاربين، فهو والله صاحبك فلا رحم الله رمته.
فقال له محمد: يا أبا عبد الله عليه السلام حسبت فأخطأت، وقام إليه السراقي ابن سلح الحوت، فدفع في ظهره حتى أدخل السجن، واصطفى ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع بإسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه، وذهبت رجلاه، وهو يحمل حملا، فدعاه إلى البيعة، فقال له: يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف، وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له: لا بد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لأضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل فأغلظ عليه في القول، فقال له إسماعيل: ادع لي جعفر بن محمد: فلعلنا نبايع جميعا.
قال: فدعا جعفرا عليه السلام فقال له إسماعيل: جعلت فداك إن رأيت أن تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا، قال: قد أجمعت ألا أكلمه فلير في رأيه، فقال إسماعيل لأبي عبد الله عليه السلام: أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي عليه السلام وعلي حلتان صفراوان، فأدام النظر إلي ثم بكى فقلت له: ما يبكيك؟
فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان، قال: