البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك أو تغلظ عليهم فخلني وإياهم فقال له محمد: امض إلى من أردت منهم فقال: ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام - فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبد الله، قال: فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبد الله عليه السلام حتى أوقف بين يديه، فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وآله؟ فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا.
فقال له أبو عبد الله: ما في حرب ولا قتال، ولقد تقدمت إلى أبيك وحذرته الذي حاق به، ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني وبينك في السن فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
إني لم أعازك، ولم أجئ لأتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال له محمد: لا والله لا بد من أن تبايع، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما في يا ابن أخي طلب ولا هرب، وإني لأريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى يكلمني في ذلك الأهل غير مرة، وما يمنعني منه إلا الضعف، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك.
فقال له: يا أبا عبد الله قد والله مات أبو الدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له أبو عبد الله عليه السلام: وما تصنع بي وقد مات؟ قال: أريد الجمال بك، قال: ما إلى ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبو الدوانيق، إلا أن يكون مات موت النوم، قال:
والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباءا شديدا، فأمر به إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد: أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق خفنا أن يهرب منه.
فضحك أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لأسجننك ولأشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: احبسوه في المخبأ، وذلك دار ريطة اليوم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله إني سأقول ثم أصدق، فقال له عيسى بن زيد: لو تكلمت