جعلت فداك أن السن (1) لي عليك فان في قومك من هو أسن منك، ولكن الله عز وجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك، وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك، واعلم فديتك أنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك، و لم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إنك تجد غيري أطوع لك مني، ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني أريد البادية أو أهم بها (2) فأثقل عنها وأريد الحج فما أدركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي فاطلب غيري وسله ذلك، ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها قال: وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول؟ فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس على ما أحب؟ قال: على ما تحب إن شاء الله من إصلاح حالك.
ثم انصرف حتى جاء البيت فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة - يقال له الأشقر على ليلتين من المدينة - فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب ثم عاد بعد ثلاثة أيام فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا فدخلنا عليه، فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه ثم قال:
جعلت فداك قد عدت إليك راجيا مؤملا قد انبسط رجائي وأملي ورجوت الدرك لحاجتي.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا ابن عم إني أعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى الكلام بينهما