واحتج بأنه أكبر إخوته الباقين، فتابعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بامامة أخيه موسى عليه السلام لما تبينوا ضعف دعواه، وقوة أمر أبي الحسن، ودلالة حقيقته، وبراهين إمامته وأقام نفر يسير منهم على أمرهم ودانوا بامامة عبد الله، وهم الطائفة الملقبة بالفطحية، وإنما لزمهم هذا اللقب لقولهم بامامة عبد الله، وكان أفطح الرجلين ويقال إنهم لقبوا بذلك لان داعيهم إلى إمامة عبد الله كان يقال له عبد الله بن أفطح (1).
وكان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد، وروى عنه الناس الحديث والآثار، وكان ابن كاسب (2) إذا حدث عنه يقول حدثني [الثقة] (3) الرضي إسحاق بن جعفر عليهما السلام وكان إسحاق يقول بامامة أخيه موسى ابن جعفر عليهما السلام، وروى عن أبيه النص بالإمامة على أخيه موسى عليه السلام.
وكان محمد بن جعفر سخيا شجاعا، وكان يصوم يوما، ويفطر يوما، ويرى رأي الزيدية بالخروج بالسيف، وروى عن زوجته خديجة بنت عبد الله بن الحسن أنها قالت: ما خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتى يكسوه، وكان يذبح في كل يوم كبشا لأضيافه، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكة، واتبعته الزيدية الجارودية فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه وأنفذه إلى المأمون، فلما وصل إليه أكرمه المأمون، وأدنى مجلسه منه، ووصله وأحسن جائزته فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في مركب من بني عمه، وكان المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيته، وروي أن المأمون أنكر ركوبه إليه في جماعة من الطالبيين الذين خرجوا على المأمون في سنة المأتين، فأمنهم و خرج التوقيع إليهم: لا تركبوا مع محمد بن جعفر! واركبوا مع عبيد الله بن الحسين فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلها، فخرج التوقيع: اركبوا مع من أحببتم