وكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب إلى المأمون، وينصرفون بانصرافه (1).
وذكر عن موسى بن سلمة أنه قال: أتى إلى محمد بن جعفر فقيل له: إن غلمان ذي الرياستين قد ضربوا غلمانك على حطب اشتروه، فخرج متزرا ببردتين ومعه هراوة وهو يرتجز ويقول:
" الموت خير لك من عيش بذل ".
وتبعه الناس حتى ضرب غلمان ذي الرياستين، وأخذ الحطب منهم، فرفع الخبر إلى المأمون فبعث إلى ذي الرياستين فقال له: ائت محمد بن جعفر فاعتذر إليه وحكمه في غلمانك، قال: فخرج ذو الرياستين إلى محمد بن جعفر فقال له موسى بن سلمة: كنت عند محمد بن جعفر جالسا حتى أتى فقيل له: هذا ذو الرياستين فقال: لا يجلس إلا على الأرض، فتناول بساطا كان في البيت فرمي به هو ومن معه ناحية، ولم يبق في البيت إلا وسادة جلس عليها محمد بن جعفر، فلما دخل عليه ذو الرياستين وسع له محمد على الوسادة، فأبى أن يجلس عليها، وجلس على الأرض واعتذر إليه، وحكمه في غلمانه، وتوفي محمد بن جعفر في خراسان مع المأمون، فركب المأمون ليشهده، فلقيهم وقد خرجوا به، فلما نظر إلى السرير نزل فترجل، ومشى حتى دخل بين العمودين، فلم يزل بينهما حتى وضع به فتقدم فصلى عليه، ثم حمله حتى بلغ به القبر، ثم دخل قبره ولم يزل فيه حتى بني عليه، ثم خرج فقام على قبره حتى دفن، فقال له عبيد الله بن الحسين ودعا له:
يا أمير المؤمنين إنك قد تعبت فلو ركبت، فقال له المأمون: إن هذه رحم قطعت من مأتي سنة.
وروي عن إسماعيل بن محمد بن جعفر أنه قال: قلت لأخي وهو إلى جنبي والمأمون قائم على القبر: لو كلمناه في دين الشيخ، ولا نجده أقرب منه في وقته هذا، فابتدأنا المأمون فقال: كم ترك أبو جعفر من الدين؟ فقلت له: خمسة وعشرون ألف دينار فقال: قد قضى الله عنه دينه، إلى من وصى؟ قلت: إلى ابن