إن معلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد يجبي له الأموال.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين، قال له: تحلف على برائتك من ذلك؟ قال: نعم أحلف بالله أنه ما كان من ذلك شئ، قال أبو جعفر:
لا بل تحلف بالطلاق والعتاق، فقال أبو عبد الله: أما ترضى يميني بالله الذي لا إله إلا هو؟! قال أبو جعفر: فلا تفقه علي! فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأين يذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين!؟ قال له: دع عنك هذا، فاني أجمع الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك، فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة جعفر فقال: نعم هذا صحيح، وهذا جعفر بن محمد، والذي قلت فيه كما قلت فقال أبو عبد الله عليه السلام: تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح؟ قال: نعم.
ثم ابتدأ الرجل باليمين فقال: والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب، الحي القيوم، فقال له جعفر عليه السلام: لا تعجل في يمينك، فاني أنا أستحلف.
قال المنصور: وما أنكرت من هذه اليمين؟ قال: إن الله تعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا أثنى عليه، أن يعاجله بالعقوبة، لمدحه له، ولكن قل يا أيها الرجل: أبرأ إلى الله من حوله وقوته، وألجأ إلى حولي وقوتي إني لصادق بر فيما أقول، فقال المنصور للقرشي: احلف بما استحلفك به أبو عبد الله، فحلف الرجل بهذه اليمين، فلم يستتم الكلام، حتى أجذم وخر ميتا، فراع أبا جعفر ذلك، وارتعدت فرائصه فقال: يا أبا عبد الله سر من غد إلى حرم جدك إن اخترت ذلك، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك، فوالله لا قبلت عليك قول أحد بعدها أبدا (1).
بيان: تلوم في الامر: تمكث وانتظر، وقوله: لم نأل أي لم نقصر.
42 - مهج الدعوات: روى محمد بن عبيد الله الإسكندري أنه قال: كنت من جملة ندماء أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر وخواصه، وكنت صاحب سره من بين الجميع، فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا فقلت: ما هذه