عن موسى بن جعفر قال: لما طلب أبو الدوانيق أبا عبد الله عليه السلام وهم بقتله، فأخذه صاحب المدينة ووجه به إليه، وكان أبو الدوانيق استعجله، واستبطأ قدومه حرصا منه على قتله، فلما مثل بين يديه ضحك في وجهه، ثم رحب به، وأجلسه عنده و قال يا ابن رسول الله، والله لقد وجهت إليك وأنا عازم على قتلك ولقد نظرت فألقي إلي محبة لك، فوالله ما أجد أحدا من أهل بيتي أعز منك، ولا آثر عندي، ولكن يا أبا عبد الله ما كلام يبلغني عنك تهجننا فيه، وتذكرنا بسوء؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما ذكرتك قط بسوء، فتبسم أيضا وقال: والله أنت أصدق عندي من جميع من سعى بك إلي هذا مجلسي بين يديك وخاتمي، فانبسط ولا تخشني في جليل أمرك و صغيره، فلست أردك عن شئ، ثم أمره بالانصراف وحباه وأعطاه، فأبى أن يقبل شيئا، وقال: يا أمير المؤمنين أنا في غناء وكفاية وخير كثير، فإذا هممت ببري فعليك بالمتخلفين من أهل بيتي، فارفع عنهم القتل، قال: قد قبلت يا أبا عبد الله، و قد أمرت بمائة ألف درهم، ففرق بينهم فقال: وصلت الرحم يا أمير المؤمنين، فلما خرج من عنده مشى بين يديه مشايخ قريش وشبانهم من كل قبيلة، ومعه عين أبي الدوانيق، فقال له: يا ابن رسول الله لقد نظرت نظرا شافيا حين دخلت على أمير المؤمنين فما أنكرت منك شيئا غير أني نظرت إلى شفتيك وقد حركتهما بشئ فما كان ذلك؟
قال: إني لما نظرت إليه قلت: " يا من لا يضام ولا يرام، وبه تواصل الأرحام صل على محمد وآله، واكفني شره بحولك وقوتك " والله ما زدت على ما سمعت قال: فرجع العين إلى أبي الدوانيق فأخبره بقوله، فقال: والله ما استتم ما قال حتى ذهب ما كان في صدري من غائلة وشر.
21 - الإرشاد: روى نقلة الآثار أن المنصور لما أمر الربيع باحضار أبي عبد الله عليه السلام فأحضره، فلما بصر به المنصور قال له: قتلني الله إن لم أقتلك، أتلحد في سلطاني؟
وتبغيني الغوائل؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: والله ما فعلت ولا أردت فإن كان بلغك فمن كاذب ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر، وابتلي أيوب فصبر، وأعطي سليمان