العرب فإذا عليه عبد الله بن مطيع العدوي، وهو نازل به، فلما رآه الحسين قام إليه فقال: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ما أقدمك واحتمله وأنزله، فقال له الحسين عليه السلام: كان من موت معاوية ما قد بلغك، وكتب إلي أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم.
فقال له عبد الله بن مطيع: أذكرك الله يا ابن رسول الله وحرمة الاسلام أن تنهتك، أنشدك الله في حرمة قريش، أنشدك الله في حرمة العرب، فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحدا أبدا، والله إنها لحرمة الاسلام تنهتك، وحرمة قريش وحرمة العرب، فلا تفعل ولا تأت الكوفة ولا تعرض نفسك لبني أمية، فأبي الحسين عليه السلام إلا أن يمضي.
وكان عبيد الله بن زياد أمر فأخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام، وإلى طريق البصرة فلا يدعون أحدا يلج ولا أحدا يخرج فأقبل الحسين عليه السلام لا يشعر بشئ حتى لقي الأعراب فسألهم فقالوا: لا والله ما ندري غير أنا لا نستطيع أن نلج ولا نخرج، فسار تلقاء وجهه عليه السلام.
وحدث جماعة من فزارة ومن بجيلة قالوا: كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة، وكنا نسائر الحسين عليه السلام فلم يكن شئ أبغض علينا من أن ننازله في منزل: وإذا سار الحسين عليه السلام فنزل في منزل لم نجد بدا من أن ننازله فنزل الحسين في جانب ونزلنا في جانب، فبينا نحن جلوس نتغذى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلم، ثم دخل، فقال: يا زهير بن القين إن أبا عبد الله الحسين بعثني إليك لتأتيه، فطرح كل انسان منا ما في يده، حتى كأنما على رؤوسنا الطير، فقالت له امرأته - قال السيد وهي ديلم بنت عمرو - سبحان الله أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه؟ لو أتيته فسمعت كلامه ثم انصرفت.
فأتاه زهير بن القين، فلما لبث أن جاء مستبشرا، قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه، وثقله ومتاعه، فقوض وحمل إلى الحسين عليه السلام ثم قال لامرأته: أنت طالق! الحقي بأهلك فاني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير.