قوله: " فضربت أنف هذا الأمر " هذا مثل تقوله العرب إذا أرادت بيان الاستقصاء في البحث والفكر، وإنما خص الأنف والعين لأنهما صورة الوجه والذي يتأمل من الانسان إنما هو وجهه، أي عرضت وجوه هذا الأمر على العقل واحدا واحدا وتأملت فيها، وقال الخليل في كتاب العين: الضرب يقع على جميع الأعمال أقول: ويحتمل أن يكون الضرب بمعناه كناية عن زجره بأي وجه يمكن حتى اتجه الغدر فيه.
ولم الله شعثه بالتحريك، أي أصلح وجمع ما تفرق من أموره، أي لا يبقى لك أخ إن ترع عند النكبات حاله، فان المهذب الأخلاق من الرجال قليل.
والوامق المحب، وقال الجوهري، الورد الذي يشم، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأسد ورد، وللفرس ورد.
11 - مجالس المفيد: محمد بن عمران المرزباني، عن محمد بن الحسين الجوهري، عن علي بن سليمان، عن الزبير بن بكار، عن علي بن صالح، عن عبد الله بن مصعب عن أبيه قال: حضر عبد الله بن عباس مجلس معاوية بن أبي سفيان فأقبل عليه معاوية فقال: يا ابن عباس إنكم تريدون أن تحرزوا الإمامة كما اختصصتم بالنبوة، والله لا يجتمعان أبدا، إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنكم تقولون نحن أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله فما بال خلافة النبوة في غيرنا.
وهذه شبهة لأنها يشبه الحق وبها مسحة من العدل، وليس الأمر كما تظنون، إن الخلافة ينقلب في أحياء قريش برضى العامة وشورى الخاصة ولسنا ند الناس يقولون ليت بني هاشم ولونا، ولو ولونا كان خيرا لنا في دنيانا وأخرانا، ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون، ما قاتلتم عليها اليوم، والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم.
فقال ابن عباس رحمه الله: أما قولك يا معاوية إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة، فهو والله كذلك فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة، فبم يستحق؟
وأما قولك إن الخلافة والنبوة لا يجتمعان لأحد، فأين قول الله عز وجل:
" أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب