قال أبو الفرج: فلما تم الصلح بين الحسن ومعاوية أرسل إلى قيس بن سعد يدعوه إلى البيعة فجاء وكان رجلا طوالا يركب الفرس المشرف، ورجلاه يخطان في الأرض وما في وجهه طاقة شعر، وكان يسمى خصي الأنصار، فلما أرادوا إدخاله إليه، قال: حلفت أن لا ألقاه إلا وبيني وبينه الرمح أو السيف، فأمر معاوية برمح وبسيف فوضعا بينه وبينه ليبر يمينه.
قال أبو الفرج: وقد روي أن الحسن لما صالح معاوية اعتزل قيس بن سعد في أربعة آلاف وأبى أن يبايع، فلما بايع الحسن أدخل قيس ليبايع فأقبل على الحسن فقال: أفي حل أنا من بيعتك؟ قال: نعم، فألقي له كرسي وجلس معاوية على سريره والحسن معه، فقال له معاوية: أتبايع يا قيس، قال: نعم، ووضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية، فحنى معاوية على سريره (1) وأكب على قيس حتى مسح يده على يده، وما رفع قيس إليه يده.
6 - مناقب ابن شهرآشوب: لما مات أمير المؤمنين عليه السلام خطب الحسن بالكوفة فقال: أيها الناس إن الدنيا دار بلاء وفتنة، وكل ما فيها فإلى زوال واضمحلال، فلما بلغ إلى قوله: وإني أبايعكم على أن تحاربوا من حاربت، وتسالموا من سالمت، فقال الناس: سمعنا وأطعنا فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين (2) فأقام بها شهرين.
قال أبو مخنف: قال ابن عباس كلاما فيه: فشمر في الحرب، وجاهد عدوك ودار أصحابك، واستتر من الضنين دينه بما لا ينثلم لك دين، وول أهل البيوتات والشرف، والحرب خدعة، وعلمت أن أباك إنما رغب الناس عنه، وصاروا إلى معاوية، لأنه آسا بينهم في العطاء.
فرتب عليه السلام العمال، وأنفذ عبد الله إلى البصرة، فقصد معاوية نحو العراق فكتب إليه الحسن عليه السلام: أما بعد فان الله تعالى بعث محمدا رحمة للعالمين، فأظهر به الحق وقمع به الشرك، وأعز به العرب عامة، وشرف به من شاء منها خاصة فقال: " وإنه