امرءا يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة.
فقال له مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت، يقول هذا وهو غير الحامد له على رأيه (1).
قال السيد: فلما أصبح الحسين عليه السلام خرج من منزله يستمع الأخبار فلقيه مروان بن الحكم فقال له: يا أبا عبد الله إني لك ناصح، فأطعني ترشد، فقال الحسين عليه السلام: وما ذاك؟ قل حتى أسمع، فقال مروان: إني آمرك ببيعة يزيد أمير المؤمنين فإنه خير لك في دينك ودنياك، فقال الحسين عليه السلام: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الاسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان، وطال الحديث بينه وبين مروان حتى انصرف مروان، وهو غضبان.
فلما كان الغداة توجه الحسين عليه السلام إلى مكة لثلاث مضين من شعبان سنة ستين، فأقام بها باقي شعبان وشهر رمضان وشوالا وذا القعدة (2).
قال المفيد رحمه الله: فقام الحسين في منزله تلك الليلة وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين من الهجرة، واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد، وامتناعه عليهم، وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجها إلى مكة، فلما أصبح الوليد سرح في أثره الرجال فبعث راكبا من موالي بني أمية في ثمانين راكبا فطلبوه فلم يدركوه، فرجعوا.
فلما كان آخر نهار السبت، بعث الرجال إلى الحسين عليه السلام ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسين: أصبحوا ثم ترون ونرى! فكفوا تلك الليلة عنه، ولم يحلوا عليه، فخرج عليه السلام [من تحت ليلة] وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجها نحو مكة، ومعه بنوه وبنو أخيه وإخوته، وجل أهل بيته إلا محمد ابن الحنفية رحمه الله فإنه لما علم عزمه على الخروج عن المدينة