فإن قال: فان الحسن قال لجبير بن نفير (1) حين قال له: إن الناس يقولون إنك تريد الخلافة فقال: قد كان جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت، ويسالمون من سالمت، تركتها ابتغاء وجه الله، وحقن دماء أمة محمد ثم أثيرها يا تياس أهل الحجاز؟.
قلنا: إن جبيرا كان دسيسا إلى الحسن عليه السلام دسه معاوية إليه ليختبره هل في نفسه الإثارة؟ وكان جبير يعلم أن الموادعة التي وداع معاوية غير مانعة من الإثارة التي اتهمه بها، ولو لم يجز للحسن عليه السلام مع المهادنة التي هادن أن يطلب الخلافة لكان جبير يعلم ذلك، فلا يسأله، لأنه يعلم أن الحسن عليه السلام لا يطلب ما ليس له طلبه، فلما اتهمه بطلب ما له طلبه، دس إليه دسيسة هذا ليستبرئ برأيه وعلم أنه الصادق وابن الصادق وأنه إذا أعطاه بلسانه أنه لا يثيرها بعد تسكينه إياها فإنه وفي بوعده، صادق في عهده.
فلما مقته قول جبير قال له: يا تياس أهل الحجاز، والتياس بياع عسب الفحل الذي هو حرام، وأما قوله " بيدي جماجم العرب " فقد صدق عليه السلام ولكن كان من تلك الجماجم الأشعث بن قيس في عشرين ألفا ويزهدونهم (2).
قال الأشعث يوم رفع المصاحف: ووقع تلك المكيدة: " إن لم تجب إلى ما دعيت إليه لم يرم معك غدا يمانيان بسهم، ولم يطعن يمانيان برمح، ولا يضرب يمانيان بسيف " وأومأ بيده (3) إلى أصحابه أبناء الطمع وكان في تلك الجماجم شيث بن ربعي تابع كل ناعق، ومثير كل فتنة، وعمرو بن حريث الذي ظهر على