النبي صلى الله عليه وآله في وجهه وقال: أنت تحدث أو أنا؟ فقال: بل أنت يا رسول الله فكلامك أحلى، فقص عليه، ثم قال له: كان ذلك جبرئيل يجرب ويري الملائكة ثبات قلبك.
محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن ابن عباس، وأبو عمرو عثمان بن أحمد، عن محمد بن هارون بإسناد عن ابن عباس في خبر طويل أنه أصاب الناس عطش شديد في الحديبية، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هل من رجل يمضي مع السقاة إلى بئر ذات العلم فيأتينا بماء وأضمن له على الله الجنة؟ فذهب جماعة فيهم سلمة بن الأكوع، فلما دنوا من الشجرة والبئر سمعوا حسا وحركة شديدة وقرع طبول، ورأوا نيرانا تتقد بغير حطب، فرجعوا خائفين، ثم قال: هل من رجل يمضي مع السقاة فيأتينا بالماء وأضمن له على الله الجنة؟ فمضى رجل من بني سليم وهو يرتجز:
أمن عزيف ظاهر نحو السلم * ينكل من وجهه خير الأمم - من قبل أن يبلغ آبار العلم * فيستقي والليل مبسوط الظلم - ويأمن الذم وتوبيخ الكلم فلما وصلوا إلى الحس رجعوا وجلين، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هل من رجل يمضي مع السقاة إلى البئر ذات العلم فيأتينا بالماء أضمن له على الله الجنة؟ فلم يقم أحد، واشتد بالناس العطش وهم صيام، ثم قال لعلي عليه السلام: سر مع هؤلاء السقاة حتى ترد بئر ذات العلم وتستقي وتعود إن شاء الله فخرج علي قائلا:
أعوذ بالرحمن أن أميلا * من عزف جن أظهروا تأويلا - وأوقدت نيرانها تغويلا * وقرعت مع عزفها الطبولا قال: فداخلنا الرعب، فالتفت علي عليه السلام إلينا وقال: اتبعوا أثري ولا يفزعنكم ما ترون وتسمعون، فليس بضائركم إن شاء الله، ثم مضى، فلما دخلنا الشجر فإذا بنيران تضطرم بغير حطب، وأصوات هائلة ورؤوس مقطعة لها ضجة وهو يقول: اتبعوني ولا خوف عليكم، ولا يلتفت أحد منكم يمينا ولا شمالا، فلما -