يمشي فالتفت إلى ورائه وعدا، فسألته عن ذلك فقال: ويحك أما ترى الهزبر بن الهزبر القثم بن القثم (1) الفلاق للبهم الضارب على هامة من طغى وظلم ذا السيفين ورأي؟
فقلت: هذا علي بن أبي طالب، فقال: ثكلتك أمك إنك تحقره، بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم أحد أن من فر منا فهو ضال، ومن قتل فهو شهيد ورسول الله يضمن له الجنة، فلما التقى الجمعان هزمونا، وهذا كان يحاربهم وحيدا حتى انسد (2) نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وجبرئيل ثم قال: عاهدتموه وخالفتموه، ورمى بقبضة رمل وقال:
شاهت الوجوه، فوالله ما كان منا إلا وأصابت عينه رملة، فرجعنا نمسح وجوهنا قائلين:
الله الله يا أبا الحسن، أقلنا أقالك الله، فالكر والفر عادة العرب، فاصفح. وقل ما أراه وحيدا إلا خفت منه.
وقال النبي صلى الله عليه وآله من قتل قتيلا فله سلبه، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يتورع عن ذلك، وإنه لم يتبع منهزما، وتأخر عمن استغاث، ولم يكن يجهز على جريح ولما أردى عليه السلام عمروا قال عمرو: يا ابن عم إن لي إليك حاجة: لا تكشف سوأة ابن عمك ولا تسلبه سلبه، فقال عليه السلام: ذاك أهون علي، وفيه يقول عليه السلام:
وعففت عن أثوابه لو أنني * كنت المقطر بزني أثوابي محمد بن إسحاق: قال له عمر: هلا سلبت درعه فإنها تساوي ثلاثة آلاف وليس للعرب مثلها؟ قال: إني استحييت أن أكشف ابن عمي، وروي أنه جاءت أخت عمرو ورأته في سلبه فلم تحزن، وقالت: إنما قتله كريم، وقال عليه السلام: " يا قنبر لا تعر فرائسي " أراد: لا تسلب قتلاي من البغاة (3).
بيان: يقال: طعنه فقطره: إذا ألقاه.
4 - الخصال، أمالي الصدوق: أبي، عن محمد بن معقل القرميسيني، عن جعفر الوراق، عن محمد بن الحسن الأشج، عن يحيى بن زيد، عن زيد بن علي، عن علي بن الحسين عليهما السلام