قد غم أهله وأحزن ولده بذلك فقال أمير المؤمنين عليه السلام، علي بعاصم بن زياد، فجيئ به، فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك، أما رحمت ولدك؟
أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها؟ أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول: " والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام (1) "؟
أو ليس يقول: " مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان (2) " - إلى قوله -: " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (3) " فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال وقد قال الله عز وجل: " واما بنعمة ربك فحدث (4) " فقال عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشوبة؟ فقال: ويحك إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ (5) بالفقير فقره، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء (6).
33 - تفسير فرات بن إبراهيم: القاسم بن حماد الدلال معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت خمس آيات " أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء " إلى قوله:
" إن كنتم صادقين (7) وعلي بن أبي طالب عليه السلام إلى جنب النبي صلى الله عليه وآله فانتقض انتقاض العصفور (8) قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: مالك يا علي؟ قال:
عجبت من جرأتهم على الله وحلم الله عنهم، قال: فمسحه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: أبشر يا علي فإنه لا يحبك منافق ولا يبغضك مؤمن، ولولا أنت