" بسم الله الرحمن الرحيم قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين، فإذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك، والسلام ".
ثم دفع الرقعة إلي، فوالله ما ختمها بطين ولا خزنها، (1) فجئت بالرقعة إلى صاحبه (2) فانصرف عنا معزولا، فقال معاوية: اكتبوا لها كما تريد، واصرفوها إلى بلدها غير شاكية (3).
بيان: قوله: (أشوس) الشوس: النظر بمؤخر العين تكبرا وغيظا، وهو لا يناسب المقام، ولعله تصحيف " أشرس " يقال: رجل أشرس أي عسر شديد الخلاف، والشرس بالكسر ما صغر من الشوك. قولها: (قد حالف الحق) أي صار حليفه وحلف أن لا يفارقه.
28 - إرشاد القلوب: دخل ضرار بن ضمرة الليثي على معاوية، فقال له:
صف لي عليا، فقال: أو تعفيني (4) من ذلك، فقال: لا أعفيك، فقال: كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، كان والله غريز العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفيه، (5) ويخاطب نفسه، ويناجي ربه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، كان والله فينا كأحدنا يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه وكان (6) مع دنوه منا وقربنا منه لا نكلمه