زعموا أن المراد بقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله: (إنك لا تهدي من أحببت (1)) أنها في أبي طالب رضي الله عنه، وقد ذكر أبو المجد بن رشادة الواعظ الواسطي في مصنفه كتاب أسباب نزول القرآن ما هذا لفظه: قال: قال الحسن بن مفضل في قوله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت): كيف يقال إنها نزلت في أبي طالب رضي الله عنه وهذه السورة من آخر ما نزل من القرآن بالمدينة وأبو طالب مات في عنفوان الاسلام (2) والنبي صلى الله عليه وآله بمكة، وإنما هذه الآية نزلت في الحارث بن نعمان بن عبد مناف، وكان النبي صلى الله عليه وآله يحب إسلامه (3) فقال يوما للنبي صلى الله عليه وآله: إنا نعلم أنك على الحق وأن الذي جئت به حق ولكن يمنعنا من أتباعك أن العرب تتخطفنا (4) من أرضنا لكثرتهم وقلتنا، ولا طاقة لنا بهم، فنزلت الآية، وكان النبي صلى الله عليه وآله يؤثر إسلامه لميله إليه.
قال السيد رحمه الله فكيف استجاز أحد من المسلمين العارفين مع هذه الروايات و مضمون الأبيات أن ينكروا إيمان أبي طالب رضي الله عنه، وقد تقدمت روايتهم لوصية أبي طالب أيضا لولده أمير المؤمنين علي عليه السلام بملازمة محمد صلى الله عليه وآله وقوله رضي الله عنه: أنه لا يدعو إلا إلى خير. وقول نبيهم صلى الله عليه وآله: جزاك الله يا عم خيرا. وقوله صلى الله عليه وآله: لو كان حيا قرت عيناه. ولو لم يعلم نبيهم صلى الله عليه وآله أن أبا طالب رضي الله عنه مات مؤمنا ما دعا له، ولا كانت تقر عينه بنبيهم صلى الله عليه وآله ولو لم يكن إلا شهادة عترة نبيهم صلى الله عليه وآله له بالايمان لوجب تصديقهم كما شهد نبيهم صلى الله عليه وآله أنهم لا يفارقون كتاب الله تعالى، ولا ريب أن العترة أعرف بباطن أبي طالب رضي الله عنه من الأجانب، وشيعة أهل البيت عليهم السلام مجمعون على ذلك، ولهم فيه مصنفات، وما رأينا ولا سمعنا أن مسلما أخرجوا فيه إلى مثل ما أخرجوا في إيمان أبي طالب رضي الله عنه، والذي نعرفه منهم أنهم يثبتون إيمان الكافر بأدنى سبب وبأدنى خبر واحد وبالتلويح، فقد بلغت عداوتهم ببني هاشم إلى إنكار إيمان أبي طالب