فأما الذين زعموا أنه كان مسلما فقد رووا خلاف ذلك، فأسندوا خبرا إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال لي جبرئيل: إن الله مشفعك في ستة: بطن حملتك آمنة بنت وهب، وصلب أنزلك عبد الله بن عبد المطلب، وحجر كفلك أبي طالب، وبيت آواك عبد المطلب، وأخ كان لك في الجاهلية - قيل: يا رسول الله وما كان فعله؟ قال كان سخيا يطعم الطعام ويجود بالنوال - وثدي أرضعتك حليمة بنت أبي ذؤيب.
قالوا: وقد نقل الناس كافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الزكية، فوجب بهذا أن يكون آباؤهم كلهم منزهين عن الشرك لأنهم لو كانوا عبدة أصنام لما كانوا طاهرين. قالوا: وأما ما ذكر في القرآن من إبراهيم وأبيه آذر وكونه ضالا مشركا فلا يقدح في مذهبنا، لان آذر كان عم إبراهيم، فأما أبوء فتارخ بن ناخور، وسمي العم أبا كما قال: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك (1)) ثم عد فيهم إسماعيل وليس من آبائه ولكنه عمه.
ثم قال: واحتجوا في إسلام الآباء بما روي عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: يبعث الله عبد المطلب يوم القيامة وعليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك. وروي أن العباس بن عبد المطلب قال لرسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة: يا رسول الله ما ترجو لأبي طالب؟ فقال: أرجو له كل خير من الله عز وجل. وروي أن رجلا من رجال الشيعة وهو أبان بن أبي محمود كتب إلى علي بن موسى الرضا عليه السلام: جعلت فداك إني قد شككت في إسلام أبي طالب فكتب إليه: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين (2)) الآية، وبعدها: إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار.
وقد روي عن محمد بن علي الباقر عليه السلام أنه سئل عما يقوله الناس أن أبا طالب في ضحضاح من نار، فقال: لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في