لم يوله لافتقاره إليه بحضرته وحاجته إلى تدبيره ورأيه ففيه أن النبي لا يستشير أحدا لحاجة منه إلى رأيه وفقر إلى تعليمه وتوقيفه، لأنه صلى الله عليه وسلم الكامل الراجح المعصوم المؤيد بالملائكة، وإنما كانت مشاورته أصحابه ليعلمهم كيف يعملون في أمورهم، وقد قيل:
كان يستخرج بذلك دخائلهم (1) وضمائرهم، وبعد فكيف استمرت هذه الحاجة واتصلت منه إليهما حتى لم يستغن في زمان من الأزمان عن حضورهما فيوليهما؟! وهل هذا إلا قدح (2) في رأي رسول الله صلى الله عليه وآله ونسبة له إلى أنه كان ممن يحتاج إلى أن يلقن ويوقف على كل شئ؟ وقد نزهه الله تعالى عن ذلك.
انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدس الله روحه، ولنقتصر على ذلك في توضيح المرام في هذا المقام، ومن أراد زيادة الاستبصار فليرجع إلى ما ألفه في ذلك وأشباهه علماؤنا الأخيار (3) فإنا محترزون في كتابنا هذا عن زيادة الاكثار في غير نقل الاخبار.
* (باب 10) * * (قوله تعالى: ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون *) * 1 - معاني الأخبار: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن النوفلي، عن اليعقوبي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: في قوله عز وجل: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) قال: الصدود في العربية: الضحك (4).
بيان: ليس فيما عندنا من كتب اللغة المشهورة الصدود بهذا المعنى، ولا يبعد أن