الكفة الأخرى لرجح إيمانه. ثم قال: ألم تعلموا أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام كان يأمر أن يحج عن عبد الله وآمنة وأبي طالب في حياته، ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم؟ وقد روي أن أبا بكر جاء بأبي قحافة إلى النبي صلى الله عليه وآله عام الفتح يقوده وهو شيخ كبير أعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا تركت الشيخ حتى نأتيه، فقال: أردت يا رسول الله أن يأجره الله، أما والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا بإسلام عمك أبي طالب مني بإسلام أبي، ألتمس بذلك قرة عينك، فقال: صدقت.
وروي أن علي بن الحسين عليهما السلام سئل عن هذا (1) فقال: واعجبا إن الله تعالى نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر، وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الاسلام ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات. ويروى عن قوم من الزيدية أن أبا طالب أسند المحدثون عنه حديثا ينتهي إلى أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سمعت أبا طالب يقول بمكة: حدثني محمد ابن أخي أن ربه بعثه بصلة الرحم وأن يعبده وحده لا يعبد معه غيره، ومحمد عندي الصادقين الأمين. وقال قوم: إن قول النبي صلى الله عليه وآله: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) إنما عنى به أبا طالب.
وقالت الامامية: إن ما يرويه العامة من أن عليا وجعفرا لم يأخذا من تركة أبي طالب شيئا حديث موضوع، ومذهب أهل البيت بخلاف ذلك، فإن المسلم عندهم يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم ولو كان أعلى درجة منه في النسب. قالوا: وقوله صلى الله عليه وآله: (لا توارث بين أهل ملتين) نقول بموجبه، لان التوارث تفاعل ولا تفاعل عندنا في ميراثهما واللف يستدعي الطرفين كالتضارب لا يكون إلا اثنين. قالوا: وحب رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي طالب معلوم مشهور ولو كان كافرا ما جاز له حبه لقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله وباليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله (2)) الآية، قالوا: وقد اشتهر واستفاض الحديث وهو قوله صلى الله عليه وآله لعقيل: أنا أحبك حبين: حبا لك وحبا لحب أبي طالب لك فإنه كان يحبك. قالوا وخطبة النكاح مشهورة خطبها أبو طالب عند نكاح محمد صلى الله عليه وآله