صلى الله عليه وآله بمكة يقول (1): والله إني لأشنأك (2) وفيه انزل: (إن شانئك هو الأبتر) قالوا: فكتب أبو طالب إلى النجاشي شعرا يحرضه فيه على إكرام جعفر وأصحابه والاعراض عما يقوله عمرو فيه وفيهم، من جملته:
ألا ليت شعري كيف في الناس جعفر؟ * وعمرو وأعداء النبي الأقارب وهل نال إحسان النجاشي جعفرا * وأصحابه أم عاق عن ذاك شاغب في أبيان كثيرة. قالوا: وروي عن علي عليه السلام أنه قال: قال لي أبي: يا بني الزم ابن عمك فإنك تسلم به من كل بأس عاجل وآجل، ثم قال لي:
إن الوثيقة في لزوم محمد * فاشدد بصحبته علي يديكا قالوا: ومن شعره المناسب بهذا المعنى قوله:
إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والنوب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب قالوا: وقد جاءت الرواية أن أبا طالب لما مات جاء علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فآذنه بموته، فتوجع عظيما وحزن شديدا ثم قال (3): امض فتول غسله فإذا رفعته على سريره فأعلمني، ففعل فاعترضه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو محمول على رؤوس الرجال فقال له وصلتك رحم يا عم، وجزيت خيرا، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ونصرت وآزرت كبيرا، ثم تبعه إلى حفرته فوقف عليه فقال: أم والله (4) لأستغفرن لك ولأشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان، قالوا: والمسلم لا يجوز أن يتولى غسل الكافر، ولا يجوز للنبي أن يرق لكافر ولا أن يدعو له بخير ولا أن يعده بالاستغفار والشفاعة، وإنما تولى علي غسله لان طالبا وعقيلا لم يكونا أسلما بعد، وكان جعفر بالحبشة، ولم تكن صلاة الجنائز شرعت بعد، ولا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على خديجة، وإنما كان تشييع ورقة ودعاء.