ودم يدعى تحت قدمي هاتين إلا سدانة الكعبة، وسقاية الحاج، فإنهما مردودتان إلى أهليهما. ألا إن مكة محرمة بتحريم الله لم تحل لأحد كان قبلي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار وهي محرمة إلى أن تقوم الساعة، لا يختلى خلاها، ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد " ثم قال: " ألا لبئس جيران النبي كنتم، لقد كذبتم وطردتم وأخرجتم وآذيتم، ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني (1)، اذهبوا (2) فأنتم الطلقاء (3) فيخرج القوم فكأنما (4) انشروا من القبور، ودخلوا في الاسلام، وقد كان الله سبحانه أمكنه من رقابهم عنوة، وكانوا له فيئا، فلذلك سمي أهل مكة الطلقاء وجاء ابن الزبعرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأسلم، وقال:
يا رسول المليك (5) إن لساني * راتق ما فتقت (6) إذا أنا بور إذا باري الشيطان في سنن الغي * ومن مال ميله مبثور (7) آمن اللحم والعظام لربي * ثم نفسي (8) الشهيد أنت النذير (9) وعن ابن مسعود قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما، فجعل يطعنها بعود في يده، ويقول: " جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد، جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".
وعن ابن عباس: قال لما قدم النبي صلى الله عليه وآله مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام فقال صلى الله عليه وآله: " قاتلهم الله، أما والله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها قط " انتهى