ولما خرج أبو سفيان وحكيم من عند رسول الله صلى الله عليه وآله عامدين إلى مكة بعث في أثر هما الزبير بن العوام: وأمره أن يغرز رايته بأعلى مكة بالحجون، وقال:
لا تبرح حتى آتيك، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة وضرب (1) خيمته هناك، و بعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمته، وبعث خالد بن الوليد فيمن كان أسلم من قضاعة وبني سليم، وأمره أن يدخل من أسفل مكة، وأن يغرز رايته دون البيوت، وأمر هم رسول الله صلى الله عليه وآله جميعا أن يكفوا أيديهم، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم وأمرهم بقتل أربعة نفر: عبد الله بن سعد بن أبي سرح، والحويرث بن نفيل، و ابن خطل (2) ومقيس (3) بن صبابة، وأمرهم بقتل قينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال " اقتلوهم وإن وجدتموهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة " فقتل علي عليه السلام الحويرث بن نفيل وإحدى القينتين، وأفلتت الأخرى، وقتل مقيس بن صبابة في السوق وأدرك ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار ابن ياسر فسبق سعيد عمارا فقتله، قال: وسعى أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخذ غرزه فقبله وقال (4) بأبي أنت وأمي، أما تسمع ما يقول سعد؟ إنه يقول:
اليوم يوم الملحمة * اليوم تسبى الحرمة فقال صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: أدركه فخذ الراية منه، وكن أنت الذي يدخل بها، وأدخلها إدخالا رفيقا، فأخذها علي عليه السلام وأدخلها كما أمر، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة دخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله ووقف قائما على باب الكعبة فقال: لا إله إلا الله وحده (5) أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده (6)، ألا إن كل مال ومأثرة (7)