بين الجبال في الليل (1) ويكمن في الأودية بالنهار، وصارت السباع التي فيها كالسنانير إلى أن كبس (2) المشركين وهم غارون آمنون وقت الصبح، فظفر بالرجال والذراري والأموال، فحاز ذلك كله، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل، فلذلك سميت غراة ذات السلاسل، فلما كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين عليه السلام على العدو - ومن المدينة إلى هناك خمس مراحل - خرج النبي صلى الله عليه وآله فصلى (3) بالناس الفجر، وقرأ: " والعاديات " في الركعة الأولى، وقال: " هذه سورة أنزلها الله علي في هذا الوقت يخبرني فيها بإغارة علي على العدو، وجعل حسده لعلي حسدا له (4) فقال: " إن الانسان لربه لكنود " والكنود: الحسود، وهو عمرو بن العاص ههنا، إذا هو كان يحب الخير وهو الحياة حين (5) أظهر الخوف من السباع ثم هدده الله (6).
5 - الإرشاد: ثم كان (7) غزاة السلسلة وذلك أن أعرابيا جاء عند النبي (8) فجثا بين يديه وقال له: جئتك لأنصح لك، قال: وما نصيحتك؟ قال: قوم من العرب قد اجتمعوا بوادي الرمل وعملوا على أن يبيتوك بالمدينة، ووصفهم له، فأمر النبي صلى الله عليه وآله أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون وصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: " أيها الناس إن هذا عدو الله وعدوكم قد عمل على أن يبيتكم فمن له (9) " فقام جماعة من أهل الصفة فقالوا: نحن نخرج إليهم (10) فول علينا من شئت، فأقرع بينهم فخرجت القرعة علي ثمانين رجلا منهم ومن غيرهم، فاستدعى أبا بكر فقال له: خذ اللواء وامض إلى بني سليم، فإنهم قريب من الحرة، فمضى