" زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فان أصيب ابن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فليجعلوه عليهم " فقال النعمان بن مهض: يا أبا القاسم إن كنت نبيا فسيصاب من سميت قليلا كانوا أو كثيرا، إن الأنبياء في بني إسرائيل كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم ثم قالوا: إن أصيب فلان، فلو سمى مائة أصيبوا جميعا، ثم جعل اليهودي يقول لزيد بن حارثة: أعهد فلا ترجع إلى محمد أبدا إن كان نبيا، قال: زيد: أشهد أنه نبي صادق، فلما أجمعوا المسير وعقد رسول الله صلى الله عليه وآله لهم اللواء بيده دفعه إلى زيد بن حارثة، وهو لواء أبيض، ومشى الناس إلى امراء رسول الله صلى الله عليه وآله يودعونهم ويدعون لهم وكانوا ثلاثة آلاف فلما ساروا في معسكرهم ناداهم المسلمون:
دفع الله عنكم وردكم صالحين غانمين (1).
قلت: اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة هو كان الأمير الأول، و أنكرت الشيعة وقالوا: كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول، فإن قتل فزيد ابن حارثة، فان قتل فعبد الله، ورووا في ذلك روايات.
وروى الواقدي باسناده عن زيد بن أرقم (2) أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطبهم فأوصاهم فقال: " أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا، اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم، و اكفف عنهم: ادعهم إلى الدخول في الاسلام فان فعلوه فاقبل واكفف، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين وإن دخلوا في الاسلام واختاروا دارهم فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله، ولا يكون لهم في الفئ ولا في الغنيمة شئ إلا أن