يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوا أن تستنزلهم على حكم الله فلا تستنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا، وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أبيك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله.
قال الواقدي: وروى أبو صفوان عن خالد بن بريد (1) قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله مشيعا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع فوقف ووقفوا حوله، فقال: " اغزوا بسم الله فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام، وستجدون فيها رجالا في الصوامع معتزلين الناس فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤسهم مفاحص (2) فاقلعوها بالسيوف، لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا، ولا كبيرا فانيا، ولا تقطعن نخلا ولا شجرا، ولا تهد من بناء " قال: فلما ودع عبد الله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: مرني (3) بشئ أحفظه عنك، قال: " إنك قادم غدا بلدا السجود به قليل فأكثر (4) السجود " فقال: عبد الله: زدني يا رسول الله، قال، " أذكر الله فإنه عون لك على ما تطلب " فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهبا رجع، فقال: يا رسول الله إن الله وتر يحب الوتر، فقال: " يا ابن رواحة ما عجزت فلا تعجز - إن أسأت عشرا - أن تحسن واحدة " فقال ابن رواحة: لا أسألك عن شئ بعدها.