وفيها كانت عمرة القضاء وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه حين رأوا هلال ذي القعدة أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدهم المشركون عنها بالحديبية، وأن لا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف منهم أحد إلا من استشهد منهم بخيبر، ومن مات، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله قوم من المسلمين عمارا، وكانوا في عمرة القضية ألفين، واستخلف على المدينة أبارهم الغفاري (1) وساق رسول الله صلى الله عليه وآله ستين بدنة، وجعل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي، وحمل رسول الله صلى الله عليه وآله السلاح والدروع والرماح، وقاد مائة فرس، وخرجت قريش من مكة إلى رؤس الجبال، وأخلوا مكة فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله من الثنية بطلعة الحجون وعبد الله بن رواحة أخذ بزمام راحلته (2) فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يلبي حتى استلم الركن بمحجنه، وأمر النبي صلى الله عليه وآله بلالا فأذن على ظهر الكعبة، وأقام بمكة ثلاثا، فلما كان عند الظهر من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد - العزى فقالا: قد انقضى أجلك فاخرج عنا، فأمر أبا رافع ينادي بالرحيل، ولا يمسين بها أحد من المسلمين، وركب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل بسرف وهي على عشرة أميال من مكة.
وفيها تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله ميمونة بنت الحارث، زوجه إياها العباس، و كان يلي أمرها، وهي أخت أم ولده، وكان هذا التزويج بسرف حين نزل بها مرجعه من عمرة القضية، وكانت آخر امرأة تزوجها صلى الله عليه وآله وبنى بها بسرف (3).
ثم ذكر في حوادث السنة الثامنة: فيها أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة قدموا المدينة في صفر.
وفيها تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة بنت الضحاك الكلابية، فلما دخلت